الخميس، 5 مارس 2009

إني أتذكّر



إِنّي أَتَّذكّرْ

لوحاً خشبيا ً نركَبُهُ

يجري خلفَ حصان ٍ أَحْمَرْ

و صراخَ سنابل ِ قمح ٍ تتكسَّرْ

إِنّي أَتَّذكّرْ

محراثَ أبي

مِذراةَ أبي

غُربالَ أَبي

أكوامَ القمح ِ على اٌلبيدَرْ

إِنّي أَتَّذكّرْ

دكان َ أبي و زبائِنَهُ

و (جميلَ) الأشعَثَ و الأَغْبَرْ

يلبسُ( قمبازاً) لم يُغسَل ْ

من عشر ٍ سنين ٍ أو أكثَرْ

و لهُ ذقنٌ طال َ..فأضحى

كَحُزْمَة سيقان ِ الشُّومَرْ

يرمي في كَفَّةِ ميزان ِ الدُّكان ِ قُروشاً

ثمناً للشاي ِأو السَّردين ِ أو السُّكَرْ

و( جميلُ) الأشعثَ و الأَغْبَرْ

يسكُن قبواً مهجوراً من عَهدِ الأتراكْ

لا يحوي باباً أو شُباكْ

لا فيهِ سِراجٌ أو أيُّ مَتاع ٍ يُذكَرْ

كُنّا نعجبُ كيف َ ينامُ بِحِضْن ِ العَتْمَهْ

و سألتُ أبي عن قِصَّتِهِ

و أجابَ أبي :

(كان جميلٌ صاحبَ أمْلاكْ

و ذكيَّاً جداً كالآتي من وادي عبقَرْ

لكنَّ جميلاً أَصبحَ مختلَّ العَقْل

ِ قالوا : إنَّ الجِِنِيَّةَ حَلَّتْ فيهْ

و أَخوهُ الأكبر ْ

جرَّبَ كَمَّاً من تعويذاتِ العَرافينْ

وَ أَحجِبَة ً لا يعلمُ ما فيها إلا اللهُ ، و من حَضَّرَها )

حين اكْتَشَفوا جُثَّتَهُ في القَبْو ِ المهجورْ

كانت تحرُسُها أَعدادٌ من طير ِ السِّمَّن ِ و الشَّحْرورْ

شيَّعهُ عَشْرَةُ أَشخاص ٍ أوْ أَكثَرْ

إِنّي أَذْكُرُ ما لا يُذْكَرْ

موتَ جَميلٍ

وَثَرِيَّاً يزني في المَبْغى

أو في الشَّقَّةِ، أو في المكتبِ، أو في المَتْجَرْ

* * *

إِنّي أَتَّذكّرْ

دباباتٍ ... طيارات ٍ في أرجاءِ القريةِ تزأَرْ

و دماءً سالت كالشلالْ

و تنادي عنترةَ اٌلعبسيَّ لِيثأرْ

* * *

إِنّي أتذكَّرْ

رجلاً يرجمهُ الأطفالْ

في ساح ِ القريةِ ... حتى الموتْ

قالوا : يتعاونُ مع قواتِ المُحتَلِّينْ

من بِضع ِ سنينْ

(سبحانَ الله و لا قوةَ إلا بالله ْ)

من كان على دمِّ فِدائي ٍ يسكَرْ

أضحى كرمادٍ من هبَّةِ ريح ٍ يتبَعثرْ

* * *

فَلْنتذكَّرْ :

* من هزمَ الشر ُ الخيرَ بداخِلِهِ .. يَخْسَر


* من أَثرى من دمِّ الشُّهداء ِ .. سيفْقَرْ

* الأسدُ الرابضُ في المَنْفى

حينَ يرى غابَتَهُ تُحْكَم من كلْبٍ

سيثورُ ... و يَزْأَرْ

* ألطفلُ بأول ِ خطواتٍ في مِشَيَتِهِ .. يتعَثَرْ

* إن مرَّ على دمِّ المقتول ِ عُقود ٌ ، فيها لم تَثْأَر . .

فمتى تَثْأَرْ ؟

* العضوُ الفاسِدُ في جَسَدِ اٌلأمةِ .. يُبْتَرْ

* صديقي حين يواعدني لا يتَأَخَّرْ

بل يأتي للموعدِ أبْكَرْ

* لو كَرَّمنا أُدباءَ الأمَّةِ قَبْلَ الموت ِ ، فماذا نَخْسَرْ ؟

* في المقهى

و أمامَ التِّلفاز ِ

و في لعِبِ الوَرَق ِ

الزَهْر ِ

الدُّومِنو

أثمنُ ما في هذي الدنيا

من عُمْر ِ الإنسان ِسَيُهْدَرْ

ليست هناك تعليقات: